فصل: حكم قيادة السيارة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.حكم تشريح جثة الإنسان:

يجوز تشريح جثة الميت عند الضرورة لكشف الجريمة، ومعرفة سبب الوفاة، صيانة لحق الميت وحق الجماعة من داء الاعتداء.
كما يجوز عند الضرورة تشريح جثث الموتى من الكفار، لمعرفة المرض، والتعلم والتعليم في مجال الطب.

.أهم وسائل النقل:

أنعم الله على عباده بنوعين من وسائل النقل:
الأول: ما خلقه الله وسخره لخدمة الإنسان من الحيوان كالإبل والخيل والبغال والحمير.
الثاني: ما هدى الله الإنسان لصناعته والانتفاع به، وهي وسائل النقل الحديثة في البر والبحر والجو كالسيارات والسفن والطائرات والقطارات.
قال الله تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ [8] وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ [9]} [النحل: 8- 9].

.حكم قيادة السيارة:

ينقسم الناس في استخدام السيارات إلى ثلاثة أقسام:
1- من يجيد قيادة السيارة، ويعرف واجباتها، ويفهم أنظمة السير.
فهذا يجوز له قيادة السيارة، لأنه أهل لذلك.
2- من لا يجيد قيادة السيارة، ولا يعرف أنظمة السير.
فهذا مفرط لا يجوز له قيادة السيارة، لئلا يهلك نفسه ويضر غيره.
3- من يجيد القيادة، ويعرف أنظمة السير، ولكنه لا يطبقها، ويعمد إلى مخالفتها.
فهذا جان على نفسه وعلى غيره فيما خالف فيه.

.أحكام حوادث السيارات:

الإصابة بحوادث السيارات تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: أن تكون الإصابة في أحد ركاب السيارة.
ولهذا القسم أربعة أحوال:
الأول: أن يكون السائق مفرطاً في عدم غلق باب السيارة، وعدم تفقد عجلاتها ونحو ذلك.
الثاني: أن يكون السائق متعدياً، كأن يسرع سرعة زائدة، أو يحمِّل السيارة فوق طاقتها، أو يلعب بفرامل السيارة أو مقودها، فيقع بسبب ذلك حادث.
فهذا المفرط والمتعدي إذا مات معه أحد وجب على السائق ما يلي:
1- كفارة قتل الخطأ وهي عتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين.
2- ضمان كل ما تلف بسبب الحادث من أموال.
3- وجوب الدية على عاقلة السائق، مؤجلة على ثلاث سنين.
الثالث: أن يكون الحادث بسبب من غير السائق.
كأن ينكسر ذراع السيارة، أو ينفجر العجل، أو يهوي به جسر.
الرابع: أن يتصرف السائق تصرفاً يريد به النجاة والسلامة.
كأن تقابله سيارة مسرعة فينحرف عنها لئلا تصدمه، فتنقلب السيارة ويموت الركاب.
فهذا السائق في الحالتين لم يتعد ولم يفرط، بل هو أمين قائم بما يجب عليه، فلا شيء على السائق.
القسم الثاني: أن تكون الإصابة في غير ركاب سيارته:
ولهذا القسم حالتان:
الأولى: أن يكون المتسبب في الحادث المصاب نفسه.
كأن يفاجئه إنسان فيرمي نفسه أمام سيارة، ولا يمكن تلافي خطره.
فهذا لا يضمنه سائق السيارة؛ لأن المصاب هو الذي تسبب في إصابة نفسه أو قتلها.
الثانية: أن يكون الحادث بسبب من السائق.
كأن يدهس إنساناً يسير أمامه، أو يصدم جداراً أو شجرة ونحوهما فيصيب إنساناً أو غيره، أو يرجع إلى الوراء فيدهس إنساناً.
فهذا يجب عليه ما يلي:
كفارة قتل الخطأ على السائق.. ضمان ما أتلفه من أموال.. الدية المخففة على عاقلة السائق مؤجلة على ثلاث سنين.

.حكم التفحيط:

التفحيط: هو العبث بالسيارة بسير غير سويّ.
وحكم التفحيط محرم، ويجب أن يعزر من يفعله؛ لما يترتب على فعله من قتل الأنفس، وإتلاف الأموال، وإزعاج الناس، وتعطيل حركة السير.
قال الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [29]} [النساء: 29].

.2- الجناية على ما دون النفس:

الجناية على ما دون النفس: هي كل أذى يقع على جسم الإنسان من غيره من دون أن يودي بحياته.

.أقسام الجناية:

تنقسم الجناية إلى قسمين:
الأول: جناية على البهائم والجمادات بالغصب والإتلاف ونحوهما.
الثاني: جناية على الإنسان، وهي نوعان:
1- جناية على النفس بالقتل كما تقدم.
2- جناية على ما دون النفس بالضرب، أو القطع، أو الجَرْح ونحو ذلك.
وكل ذلك جناية محرمة يستحق فاعلها الإثم والعقوبة.

.أقسام الجناية فيما دون النفس:

الجناية فيما دون النفس لها أربع حالات:
الأولى: أن تكون الجناية بإتلاف الطرف بقطع ونحوه، كقلع العين أو السن، وقطع الأذن أو اللسان أو اليد أو الأصبع ونحو ذلك.
الثانية: أن تكون الجناية بإذهاب منفعة أحد الأعضاء، كإذهاب حاسة السمع، أو البصر، أو العقل، أو الكلام ونحو ذلك.
الثالثة: أن تكون الجناية بجَرْح البدن، سواء كان الجرح في الرأس أو سائر البدن.
الرابعة: أن تكون الجناية بكسر العظام، سواء كانت عظام الرأس، أو الظهر، أو الصدر، أو الرقبة أو سائر عظام البدن.
ولكل قسم من هذه الحالات أحكام في القصاص والديات.

.حكم التعدي على ما دون النفس:

يحرم التعدي على الأطراف بالجرح أو القطع كما يحرم التعدي على النفس، فإذا كان التعدي على ما دون النفس عمداً ففيه القصاص.
وإن كان التعدي خطأ أو شبه عمد فلا قصاص فيه، وإنما تجب فيه الدية.
ومن أقيد بأحد في النفس أقيد به في الطرف والجراح، ومن لا فلا كما سبق.
1- قال الله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [190]} [البقرة: 190].
2- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ الله إِخْوَاناً، المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُهُ، وَلاَ يَخْذُلُهُ، وَلاَ يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَاهُنَا». وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ المُسْلِمَ، كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ». أخرجه مسلم.

.طرق إثبات الجناية:

تثبت الجناية بإحدى الطرق الآتية:
الإقرار.. الشهادة.. القرائن.. النكول عن اليمين.. القسامة.
1- الإقرار: هو الإخبار عن ثبوت حق الغير على نفسه.
وهو حجة قاصرة على المقر لا يتعدى أثره إلى غيره.
ويصح من كل بالغ عاقل مختار غير متهم في إقراره.
ولا يجوز الرجوع عن الإقرار إلا في الحدود؛ لأنها تُدرأ بالشبهة.
2- الشهادة: وهي إخبار صادق لإثبات حق بلفظ الشهادة في مجلس القضاء.
وعدد الشهود اثنان إلا في الزنا فلا يُقبل فيه إلا أربعة شهود.
ولا تقبل شهادة النساء مع الرجال في الجنايات والقصاص والحدود، بل لابدّ فيها من شهادة رجلين عدلين؛ لخطورتها، وضرورة التأكد من ثبوتها.
3- القرينة: وهي كل أمارة ظاهرة تقارن شيئاً خفياً فتدل عليه.
ولا يُحكم بالقرائن في الحدود؛ لأنها تُدرأ بالشبهات، ولا في القصاص إلا في القسامة واللَّوْث؛ للاحتياط في أمر الدماء.
4- النكول عن اليمين: هو الامتناع عن اليمين الموجهة إلى المدعى عليه من جهة القاضي.
ولا يُقضى بالنكول في الحدود؛ لأن الحدود تُدرأ بالشبهات.
ولا يقضى به في القصاص، لكن يُحبس الجاني حتى يقرّ أو يحلف.
5- القسامة: وهي أيمان مكررة في دعوى قتل معصوم لنفي التهمة، وهي خمسون يميناً.
وإذا حلفها أولياء القتيل وجب القصاص في حال العمد، والدية في حال الخطأ وشبه العمد، وإذا حلفها أولياء القاتل برئ القاتل، فإن لم يكن للقاتل أولياء حلف الخمسين يميناً وبرئ.


.فضل العفو عن القصاص:

يستحب العفو عن القصاص في الأطراف والجروح إلى الدية، وأفضل من ذلك العفو مجاناً، ويستحب طلبه ممن يملكه، ومن عفا وأصلح فأجره على الله.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: مَا رُفِعَ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ فِيهِ القِصَاصُ إِلاَّ أَمَرَ فِيهِ بالعَفْوِ. أخرجه أبو داود وابن ماجه.

.ما لا ضمان فيه:

كل جناية بسبب من الظالم المعتدي فهي هدر لا قصاص فيها ولا دية، ومن ذلك:
1- من اطلع في دار أحد بغير إذنهم ففقؤوا عينه فلا دية له ولا قصاص.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قالَ أبُو القَاسِمِ؟: «لَوْ أنَّ امْرَءاً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَخَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ جُنَاحٌ». متفق عليه.
2- من عض غيره بأسنانه، فنزع يده فسقطت أسنان العاض فلا قصاص عليه ولا دية؛ لأنه غير معتد.
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَجُلاً عَضَّ يَدَ رَجُلٍ، فَنَزَعَ يَدَهُ مِنْ فيِهِ، فَوَقَعَتْ ثَنِيَّتَاهُ، فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: «يَعَضُّ أحَدُكُمْ أخَاهُ كَمَا يَعَضُّ الفَحْلُ؟ لا دِيَةَ لَكَ». متفق عليه.
3- من قتل شخصاً أو حيواناً دفاعاً عن نفسه، أو عن نفس غيره، أو عرضه أو ماله أو مال غيره، إذا لم يندفع إلا بالقتل فلا قصاص عليه ولا دية.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَارَسُولَ الله! أرَأيْتَ إنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أخْذَ مَالِي؟ قال: «فَلا تُعْطِهِ مَالَكَ». قال: أرَأيْتَ إنْ قَاتَلَنِي؟ قال: «قَاتِلْهُ». قال: أرَأيْتَ إنْ قَتَلَنِي؟ قال: «فَأنْتَ شَهِيدٌ». قال: أرَأيْتَ إنْ قَتَلْتُهُ؟ قال: «هُوَ فِي النَّارِ». أخرجه مسلم.

.القصاص فيما دون النفس:

إذا كانت الجناية عمداً فالقصاص فيما دون النفس نوعان:
الأول: القصاص في الأطراف:
فتؤخذ العين، والأنف، والأذن، والسن، والجفن، والشفة، واليد، والرجل، والإصبع، والكف، والذكر، والخصية ونحوها، يؤخذ كل واحد من ذلك بمثله.
الثاني: القصاص في الجروح:
فإذا جرح أحد غيره عمداً فعليه القصاص، سواء انتهى الجرح بعظم كالذراع والساق ونحوهما، أو لم ينته بعظم كجرح البطن.
1- قال الله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [45]} [المائدة: 45].
2- وَعَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ الرُّبَيِّعَ-وَهِيَ ابْنَةُ النَّضْرِ- كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ، فَطَلَبُوا الأَرْشَ وَطَلَبُوا العَفْوَ فَأبَوْا، فَأتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأمَرَهُمْ بِالقِصَاصِ، فَقال أنَسُ بْنُ النَّضْرِ: أتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ يَا رَسُولَ الله؟ لا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا، فَقال: «يَا أنَسُ، كِتَابُ الله القِصَاصُ». فَرَضِيَ القَوْمُ وَعَفَوْا، فَقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ عِبَادِ الله، مَنْ لَوْ أقْسَمَ عَلَى الله لأَبَرَّهُ». متفق عليه.

.شروط القصاص في الأطراف والجراح:

يشترط لثبوت القصاص في الأطراف والجراح ما يلي:
عصمة المجني عليه.. أن يكون الجاني بالغاً عاقلاً.. المكافأة في الدين، فلا يُقتل مسلم بكافر أو يقتص منه، أن تكون الجناية عمداً.

.شروط استيفاء القصاص في الأطراف والجراح:

إذا ثبت القصاص وجب استيفاء القصاص إذا توفرت الشروط الآتية:
1- الأمن من الحيف: بأن يكون القطع من مفصل، أو له حد ينتهي إليه.
2- المماثلة في الاسم: فتؤخذ العين بالعين مثلاً، ولا تؤخذ يمين بشمال، ولا خنصر ببنصر وهكذا...
3- الاستواء في الصحة والكمال فلا تؤخذ يد أو رجل صحيحة بشلّاء، ولا عين صحيحة بعين لا تبصر، ويؤخذ عكسه ولا أرش.
فإذا تحققت هذه الشروط جاز استيفاء القصاص.
وإن لم تتحقق سقط القصاص، وتعينت الدية.
4- إذا كان القصاص في الجروح، فيشترط استيفاء القصاص من غير حيف ولا زيادة، فإن لم يمكن سقط القصاص، وتعينت الدية.

.حكم سراية الجناية:

1- سراية الجناية مضمونة بقود أو دية في النفس فما دونها، فلو قطع الجاني أصبعاً فتآكلت حتى سقطت اليد، وجب القود في اليد، وإن سرت الجناية إلى النفس فمات المجني عليه وجب القصاص.
2- لا يقتص من طرف أو عضو أو جرح قبل برئه؛ لاحتمال سراية الجناية في البدن، ولا يطلب له دية حتى يبرأ؛ لاحتمال السراية إلى غيره.
3- إذا قطع أصبعاً عمداً فعفا عنها المجني عليه، ثم سرت إلى الكف أو النفس، وكان العفو على غير شيء فلا قصاص ولا دية، وإن كان العفو على شيء فعليه دية ما تلف.
4- من مات في حد كالجلد والسرقة ونحوهما، أو في قصاص في الأطراف والجراح فلا قصاص، ولكن تجب ديته في بيت مال المسلمين؛ لأن سراية القصاص والحدود مهدرة.

.حكم اشتراك الجماعة في القطع أو الجرح:

إذا اتفق جماعة فقتلوا نفساً معصومة فعليهم جميعاً القصاص.
وإذا اتفقوا فقطعوا طرفاً كيد أو رجل، أو جرحوا جرحاً يوجب القود، فعليهم جميعاً القصاص في الطرف أو الجرح، فكما نقتل خمسة تعمدوا قتل واحد، كذلك نقطع أو نجرح خمسة تعمدوا قطع أو جرح واحد.

.حكم العدل في القصاص:

العدل في القصاص واجب بحسب الإمكان، فمن ضرب غيره بيده، أو بعصاً، أو بسوط، أو لَكَزه، أو لَطَمه، أو سبه اقتُص منه، وفُعل بالجاني كما فَعل به.
فضربة بضربة، ولطمة بلطمة، في محلها بالآلة التي لطمه بها أو مثلها إلا أن يعفو.
ويشترط في السب خاصة ألا يكون محرم الجنس، فليس له أن يكفِّر من كفَّره، أو يكذب على من كذب عليه، أو يلعن أب من لعن أباه؛ لأن ذلك محرم.
ومن أتلف مالاً، أو أفسد شيئاً ضمن مثله، متعمداً أو مخطئاً، فإن عدم المثل ضمن قيمته.
1- قال الله تعالى: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [194]} [البقرة: 194].
2- وقال الله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [40] وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ [41]} [الشورى: 40- 41].

.حكم من اجتمع عليه قصاص طرف ونفس:

من وجب عليه قصاص طرف ونفس وجب تقديم قصاص الطرف على القتل؛ لأجل إمكان الاستيفاء.
فإذا قلع الجاني عيناً، أو قطع يداً أو رجلاً، ثم قتل نفساً، فإنه يقتص لكل عضو منه وجب فيه القصاص، ثم يقتل، سواء تقدم قتل النفس على الجناية على الأطراف أم تأخر، وسواء كانت الجناية على شخص أو أشخاص.

.وقت القصاص فيما دون النفس:

وقت الحكم بالقصاص فيما دون النفس بعد بُرء المجني عليه؛ لاحتمال سراية القطع أو الجرح إلى النفس.
وإذا استوفى المجني عليه القصاص دون انتظار، ثم مات بسبب السراية، فلا قصاص؛ لأنه استوفى حقه من قبل.

.حكم الجناية على الجنين:

إذا ضرب أحد امرأة حاملاً فأجهضت وألقت ما في بطنها:
فإن ألقت الجنين ميتاً، فعقوبة الجاني هي دية الجنين غُرَّة عبد أو أمة، قيمتها خمس من الإبل، وهي نصف عشر الدية.
فإن كانت الجناية عمداً وجبت حالَّة في مال الجاني، وإن كانت الجناية خطأ أو شبه عمد وجبت الدية على العاقلة، وتتعدد الغرة بتعدد الأجنة، ولا يرث الضارب منها شيئاً، وإن انفصل الجنين حياً ثم مات بسبب الجناية فتجب الدية كاملة، فإن ماتت الأم من الضرب بعد موت الجنين فعلى الضارب ديتان للأم والجنين، ولا يرث منها شيئاً.
وتجب الكفارة في الإجهاض على الضارب، سواء ألقت الجنين حياً أو ميتاً؛ لأنه نفس معصومة مضمونة.
1- قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [92]} [النساء: 92].
2- وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: اقْتَتَلَتِ امْرَأتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ، فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَضَى أنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ، عَبْدٌ أوْ وَلِيدَةٌ، وَقَضَى أنَّ دِيَةَ المَرْأةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا. متفق عليه.